شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة logo    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
shape
شرح رسالة أبو زيد القيرواني
69233 مشاهدة print word pdf
line-top
عقيدة أهل السنة والجماعة والفرق المختلفة في أصحاب الذنوب


بعد ذلك يقول: ولا يُكَفَّرُ أحد من أهل القبلة بذنب.
ذهب الخوارج إلى أن الذنوب تُخْرِجُ عاملها من الإسلام وتُدْخِلُهُ في الكفر، فكانوا يُكَفِّرُون بالذنوب، يجعلون الذنب كفرا، والْعَفْوَ ذنبا؛ ولأجل ذلك قاتلوا الصحابة، قاتلوا عَلِيًّا وقاتلهم عَلِيٌّ ورُوِيَتْ فيهم الأحاديث الثابتة، مما يدل على أن النبي-صلى الله عليه وسلم- حذر منهم؛ لأنهم يُكَفِّرُون بالذنوب، ويقولون: إنها تُخَلِّدُ صاحبها في النار! هكذا يقولون، خالفوا بذلك أهل السنة.
أهل السنة يقولون: الذنوب تحت المشيئة؛ إذا عمل ذنبًا فإنه تحت مشيئة الله تعالى، إن شاء عَذَّبَهُ، وإن شاء عفا عنه، ولكن يقولون: إنها قد تَضُرُّ صاحبها، وذلك لأن هنا طائفة المرجئة يُسَهِّلُون في الذنوب، ويقولون: لا تضر الذنوبُ صاحبَهَا! وطائفة الخوارج يُكَفِّرُون بالذنوب ويقولون: مَنْ عَمِلَ ذنبًا فإنَّهُ كافرٌ حلالُ الدم والمالِ، مُخَلَّدٌ في النار.
والمعتزلة يقولون: إن أهل الكبائر في منزلة بين منزلتين، لا نقاتلهم كما نُقَاتِلُ الكفار، ولا نواليهم كما نُوَالِي المؤمنين، ولكن نُخْرِجُهُم من الإسلام، ولا نُدْخِلُهُم في الكفر!
ثم يقولون: إن هؤلاء الكفار في النار، مخلدين فيها، لا يخرجون منها، فيوافقون المعتزلة على أنهم في النار، ويخالفونهم في الدنيا على أنهم لا يُقَاتَلُون، وهذا المعتقد يعتقده المعتزلة الموجودة الآن، وهم كثيرٌ يوجدون في الشام وفي مصر وفي إفريقيا وفي اليمن وفي الرافضة الذين يُوجَدُون في المملكة ونحوهِمْ.

line-bottom